[1]
تعريف الإعجاز والمعجزة لغة واصطلاحاً:
أ*.تعريفهما لغة:
المعجزة في اللغة اسم فاعل من الإعجاز، والإعجاز مصدر للفعل أعجَز. وبعد النظر في بعض المعاجم اللغوية للوقوف على مدلول كلمتي الإعجاز والمعجزة وأصل اشتقاقهما خرجت بالخلاصة الآتية:
المُعجز والمعجزة: ما أُعجِزَ به الخصم عند التحدي، والهاء للمبالغة كما في قولهم: علاّمة، ونسّابة، وجمعها معجزات، وسميت معجزة لعجز البشر عن الإتيان بمثلها.
والعَجْـز: أصله التأخر عن الشيء وهو ضد القدرة، وصار في التعارف اسماً للقصور عن فعل الشيء. يقال عَجَز فلان عن الأمر، وأعجزه الأمر إذا حاوله فلم يستطعه ولم تتسع له مقدرته وجهده.
ومعنى الإعجاز: الفوت والسَبق، يقال أعجزني فلان، أي فاتني. وذكر الزبيدي عن الليث قال: أعجزني فلان: إذا عجزت عن طلبه وإدراكه، وقال الراغب الأصفهاني: أعجزت فلان وعجّزته وعاجزته: أي جعلته عاجزاً.
والتعجيز: بمعنى التثبيط، والنسبة إلى العجز. وبه فُسّر قوله تعالى: { والذين سعوا في آياتنا معاجزين...}الحج51، قال الزجاج: معناه ظانين انهم يعجزوننا لأنهم ظنوا أنهم لا يبعثون وأنه لا جنة ولا نار.
وقرئ مُعجِّزين: بمعنى ينسُبون إلى العجز من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل معناه مثبِّطين أي يثبطون الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الفيروز أبادي: أي يعاجزون الأنبياء وأولياءهم، يقاتلونهم ويمانعونهم ليصيّروهم إلى العجز عن أمر الله تعالى:
وقد وردت مشتقات لفظ "عَجَز" في ستة وعشرين موضعاً في كتاب الله وذلك كما ذكرها محمد فؤاد عبد الباقي في معجمه، وسأكتفي منها بذكر ما له علاقة ببحثنا هذا، وهي:
أعَجزتُ: {فَبَعَثَ اللّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [ المائدة الآية 31]
نُعجِزُ: {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً} [ الجن الآية 12]
لِيعجِزَه:{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً} [ فاطر الآية 44]
يُعجِزون: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ} [ الأنفال الآية 59]
معاجِزين: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [ الحج الآية 51]
{وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ} [ سبأ الآية 5]
{وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ} [ سبأ الآية 38]
بمعجِز: {وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [ الأحقاف الآية 32]
معجِزي: {فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} [ التوبة الآية 2]
{وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [ التوبة الآية 3]
معجِزين: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ} [ الأنعام الآية 134]
{وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [ يونس الآية 53]
{قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ} [ هود الآية 33]
{أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ} [ النحل الآية 46]
{وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [ العنكبوت الآية 22]
{فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاء سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ} [ الزمر الآية 51]
{وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [ الشورى الآية 31]
ويلاحظ من هذا الاستعراض لعَجَز ومشتقاتها كما جاءت في القرآن الكريم أن لفظة"المعجزة والإعجاز" لم ترد مطلقاً في كتاب الله، ويشير إلى هذا المعنى الأستاذ نعيم الحمصي حيث يقول:
"ولم يرد في القرآن لفظ معجزة أو إعجاز، وإنما جاء فيه ألفاظ ( آية وبرهان وسلطان ) وهذه الكلمات لا ترادف كلمة معجزة، ولا تشمل معنى الإعجاز المفهوم منها، وإنما تدل على جزء من معناها الذي يشمل أكثر من معنى جزئي واحد وهذا الجزء يقابل كلمة الدليل أو الحجة، بمعنى أن حادثة من الحوادث هي دليل نبوة أحد الأنبياء أو دليل الألوهية ولا يدل على أكثر من ذلك، أما كلمة معجزة فتدل على أمر خارق للعادة يكون دليلا على نبوة أحد الأنبياء دون غيره، ويَعجز غيره من الخلق عن الإتيان بمثله، ومن الصعب جدا أن نحدد الزمان أو المكان أو الأثر الذي استُعملت فيه كلمة معجزة أو إعجاز أول مرة بهذا المعنى الاصطلاحي الفني"